رسالة مفتوحة إلى من يهمه الأمر إلى السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة-تطوان

رسالة مفتوحة إلى من يهمه الأمر
السيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة-تطوان.
إن أحسن ما أفتتح به موضوع رسالتي هاته، الحديث النبوي "إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها فانتظر الساعة" الذي يصدق عليك وعلى السواد الأعظم ممن أسندت إليهم مسؤولية إدارة شؤون قطاع التربية والتكوين على مستوى الجهات، خاصة جهات الريف التاريخي الكبير الذي جعل منه كل من الاستعمار الاسباني والنظام المخزني الجائر وطنا غير نافع لسكانه وأرضا مستباحة لاستغلال ثرواتها الطبيعية والبشرية. فلا غرابة أن تتخبط منظومة التربية والتكوين في مشاكل مزمنة، رغم ما ترصده الدولة من أموال ضخمة لإيهام الرأي العام ومانحي القروض بعزمها على حل هذه المشاكل، لأن النظام وضعكم في مناصبكم كي تخدموا مصالحه قبل كل شيء، ولا شيء آخر غيرها، ومقابل ذلك، وطبقا للمثل المغربي "جوع كلبك إيتبعك"، يرميكم أولياء نعمتكم بفتات الكعكة لإرغامكم على تطبيق المخطط الاستعماري الذي يسعى إلى تخريب المدرسة العمومية بهدف قطع الطريق على أبناء الشعب للحصول على المعرفة الملائمة لمتطلبات العصر الحديث، والمؤهلات الضرورية لتحمل المسؤولية، حتى يبقى المجال فارغا لورثتهم الذين يدرسون في مدارس أجنبية، لا علاقة لها بواقع المدرسة المغربية.
هل تحتاج السيد المدير إلى دليل على هذه الحقيقة الساطعة ؟ سوف لن أشرّح الواقع المتردي للمدرسة بالجهة التي تشرف عليها في الوقت الراهن في انتظار إحالتك على التقاعد، وأحمد الله على تمكيني من مغادرة القطاع في الوقت المناسب قبل قدومك، ولن أسرد منجزاتك "العظيمة" حينما كنت مديرا للمدرسة العليا للأساتذة بتطوان، وبعد ذلك مديرا لنفس الأكاديمية بجهة مراكش تانسيفت الحوز، وإنما سأكتفي بإجراء واحد اتخذته بمناسبة الدخول المدرسي الحالي يدل بما لا يدع مجالا واحدا للشك على أنك بعيد، بُعد الشمس عن الأرض، من المسؤولية التي حملتك إياها الدولة في هذا القطاع الحساس. لقد حاول المديران السابقان، اللذان كانا في مكانك، أن يحرفا مسار المركز الجهوي للتكنولوجيات التربوية، الذي أحدث في عهد الوزير الأسبق عبد الله الساعف ضمن الأوراش التي فتحها ضمن المشاريع الطموحة التي كانت تهدف إلى إعمال بعض الدعامات الهامة التي تضمنها "الميثاق الوطني" للتربية والتكوين، وعلى رأسها الدعامة العاشرة التي تحث على تفعيل التكوين والتجهيز في مجال التكنولوجيات الجديدة للإعلام والتواصل، لكنهما تراجعا في نهاية المطاف بعد تأكدهما من صحة وأهمية الخدمات الجليلة التي كان المركز يقدمها دون أن يكلف الأكاديمية فلسا واحدا، والتي تتمثل في تكوين ما يفوق أربعة ألف من المدرسات والمدرسين، وأطر الإدارة التربوية... وذلك كله انطلاقا من الروح الوطنية السامية التي يتحلى بها الأستاذ الجليل احمد السفاني الذي كون فريقا هاما من نساء ورجال التعليم المتطوعين للسهر على تنفيذ برامج التكوين، والذين يتحلون بدورهم بالأخلاق النبيلة وبنكران الذات. ولو استعملت الأكاديمية الغلاف المالي الذي كانت ستصرفه مقابل مئات حصص التكوين، التي استفاد منها موظفو قطاع التربية والتكوين بولاية طنجة بهذا المركز طوال السنوات الثمانية الأخيرة، لتمكنت من بناء مؤسسة محترمة ومستقلة لاحتضان ودعم هذه التجربة الفريدة على الصعيد الوطني، عوض مضايقتها والعمل على اغتيالها. لكنك أنت، ولأسباب واهية وبدون سابق إشعار "نقلت" المركز إلى تطوان بشكل تعسفي، وبعقلية أعوان وزارة الداخلية ! إنه إجراء يدل فعلا على افتقارك للحس الوطني لأنك ضحيت بحق أطر التربية والتكوين بولاية طنجة في الاستفادة من التكوين الحقيقي في أهم المجالات التي نص عليها مشروع الإصلاح الجديد/القديم، مقابل حل أزمة بسيطة ومفتعلة، كان بإمكانك تفاديها لو تدبرت شؤون قطاعك بشكل عقلاني واحترافي، ولو انتبهت إلى دسائس بعض الانتهازيين الذين يسيرون بعض المصالح الداخلية والخارجية للأكاديمية. وقد وضعت فعل "نقلت" بين معقوفتين، لأنني متيقن بأنك قمت بإغلاق المركز عوض نقله كما ادعيت في رسالتك المستعجلة المتعلقة بهذا الموضوع، وذلك لسبب بسيط، وهو أنك تعلم علم اليقين استحالة انتقال الفريق القادر على تنشيطه كما كان عليه الحال هنا بمدينة طنجة. أما التجهيزات التي يتوفر عليها المركز، والميزانية السنوية التي خصصتها له الوزارة والتي تفوق 4.000.000 درهم، فسوف يكون مصيرها نفس المصير الذي تعرفه باقي الموارد المادية والمالية بالأكاديمية...
فهنيئا لك، ولأعوانك الذين أرشدوك إلى هذا الحل العجيب لحل أزمة مفتعلة، على الإنجاز العظيم الذي قمت به في نهاية مسار حياتك المهنية. أما أعضاء الفريق التربوي غير المؤدى على خدماتهم، فسيبقون أوفياء لمبادئهم ولأخلاقهم النبيلة التي أكسبتهم احترام وتقدير كل المستفيدين من وحدات التكوين التي نظمها ونفذها المركز، رغم أنهم لم يتوصلوا في يوم من الأيام ولو برسالة شكر من إدارتك الجاحدة. وإنهم بكل تأكيد لا ينتظرون منك ولا من رؤسائك أي شيء لأنه، كما قلت لك في بداية الرسالة، إنهم مقتنعون بأنكم تخدمون مصالح أولياء نعمتكم لا غير.
وختاما فإنني أعلن تضامني المطلق مع عضوات وأعضاء الفريق التربوي الذين تلقوا ببالغ الحزن والأسى نبأ إغلاق المركز في وجههم، وفي وجه كافة أطر التربية والتكوين بولاية طنجة. كما أستنكر وأشجب الطريقة البوليسية، والمهينة للموظفين الساهرين على إدارته، التي استعملت من طرف "أعوانك" لتنفيذ مقتضيات "تعليماتك" القاضية بنقل تجهيزات المركز إلى تطوان.
إمضاء : الحسن محمدي علال / مفتش سابق بقطاع التربية والتكوين.